أمّة من ذهب

عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: باعت امرأة طستا في سوق الصفر –النحاس– في دمشق فوجده المشتري ذهبا، فقال لها: أما إني لم أشتره إلا على أنه صفر وهو ذهب فهو لك. فقالت: ما ورثناه إلا على أنه صفر فإن كان ذهبا فهو لك، قال: فاختصما إلى الوليد بن عبد الملك فأحضر رجاء بن حيوة، فقال: انظر فيما بينهما. فعرضه رجاء على المرأة فأبت أن تقبله، وعرضه على الرجل فأبى أن يقبله، فقال: يا أمير المؤمنين، أعطها ثمنه واطرحه في بيت مال المسلمين.

هذا موضع لا مجال للهزل فيه

أوعز الاقتصاديون المصريون للرئيس المصري حسني مبارك أن الناس لا تضع أموالها بالبنوك بسبب فتوى شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق.. وفي أحد الاجتماعات مع بعض المشايخ ووزير الأوقاف قال له مبارك –باللهجة المصرية: "بأ قولك إيه يا مولانا البنوك قربت تفلس والناس لا تضع أموالها بالبنوك.. عايزين فتوى من فضيلتك تنقذ الاقتصاد المنهار وتحلل وضع الفلوس في البنوك، لأن الناس بتضع كل ثقتها في الأزهر، ودي ضرورات برضه".
فما كان من شيخ الأزهر إلا أن انتفض واقفًا وقال لحسني مبارك بغضب شديد: ومن قال لك أني أحرم أو أُحلل؟ إن الذي يُحلل أو يُحرم هو الله، ولن تتغير فتواي أبدًا أبدًا بتحريم فوائد البنوك". فاحمر وجه مبارك خجلا ووقف وقال للشيخ جاد: "يا مولانا ده أنا كنت باهزر"! فقال له الشيخ: هذا موضع لا مجال للهزل فيه.

مثل الخليل عليه السلام

حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني: أن الأسود العنسي تنبأ باليمن، فبعث إلى أبي مسلم الخولاني، فقال له: أتشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله؟ قال: نعم، قال: فتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: فأمر بنار عظيمة فأججت وطرح فيها أبو مسلم فلم تضره، فقال له أهل مملكته: إن تركت هذا في بلدك أفسدها عليك، فأمره بالرحيل فقدم المدينة وقد قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر، فعقل راحلته على باب المسجد وقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي إليها، فبصر به عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فأتاه فقال: من أين الرجل؟ قال: من اليمن، قال: فما فعل عدو الله بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره، قال: ذاك عبد الله بن ثوب، قال: نشدتك بالله أنت هو؟ قال: اللهم نعم، قال: فقبل ما بين عينيه، ثم جاء به حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فُعل به كما فُعل بإبراهيم خليل الرحمن - عليه السلام.

عليك بالقصد والدوام

عن طارق بن شهاب أنه بات عند سلمان الفارسي -رضي الله عنه- لينظر ما اجتهاده، قال فقام يصلي من آخر الليل، فكأنه لم ير الذي كان يظن، فذكر ذلك له فقال سلمان: حافظوا على هذه الصلوات الخمس فإنهن كفارات لهذه الجراحات، ما لم تصب المقتلة، فإذا صلى الناس العشاء صدروا عن ثلاث منازل؛ منهم من عليه ولا له ومنهم من له ولا عليه ومنهم من لا له ولا عليه؛ فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فركب فرسه في المعاصي فذلك عليه ولا له، ومن له ولا عليه فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس فقام يصلي، ومنهم من لا له ولا عليه فرجل صلى ثم نام فذلك لا له ولا عليه، إياك والحقحقة وعليك بالقصد ودوام.

الخوف من الذنب

عن علقمة بن مرثد، قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، فأما الربيع بن خيثم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت، فقال: لقد علمت أن الدواء حق، ولكن ذكرت عادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء، فلا المداوي بقي ولا المداوى، فقيل له: ألا تذكر الناس؟ قال: ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله تعالى في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم....

دعاء التقي

عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: "حَبَسَ الْحَجَّاجُ مُوَرِّقًا الْعِجْلِيَّ فِي السِّجْنِ، قَالَ: فَلَقِيَنِي مُطَرِّفٌ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتُمْ بصَاحِبِكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ مَحْبُوسٌ، قَالَ: تَعَالَ حَتَّى نَدْعُوَ، قَالَ: فَدَعَا مُطَرِّفٌ وَأَمَّنَّا عَلَى دُعَائِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيَّ خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَجَلَسَ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَدَخَلَ أَبُو مُوَرِّقٍ فِيمَنْ دَخَلَ، فَدَعَا الْحَجَّاجُ حَرَسِيًّا، فَقَالَ: اذْهَبْ بِذَاكَ الشَّيْخِ إِلَى السِّجْنِ، فَادْفَعْ إِلَيْهِ ابْنَهُ".

ماذا تفعل إن عرض لك إبليس؟

قال بكر بن عبد الله المزني: إن عرض لك إبليس بأن لك فضلا على أحد من أهل الإسلام فانظر؛ فإن كان أكبر منك فقل: قد سبقني هذا بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني.. وإن كان أصغر منك فقل: قد سبقت هذا بالمعاصي والذنوب واستوجبت العقوبة فهو خير مني.. فإنك لا ترى أحدا من أهل الإسلام إلا أكبر منك أو أصغر منك، قال: وإن رأيت إخوانك المسلمين من يكرمونك ويعظمونك ويصلونك، فقل أنت: هذا فضل أخذوا به.. وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا فقل: هذا ذنب أحدثته.

إن الله أمرنا أن نذكره كثيرا

عن قتادة: أن عبد الله بن غالب كان يقص في المسجد الجامع، فمر عليه الحسن فقال: يا عبد الله لقد شققت على أصحابك، فقال: ما أرى عيونهم انفقأت، ولا أرى ظهورهم اندقت، والله يأمرنا يا حسن أن نذكره كثيرا، وأنت تأمرنا أن نذكره قليلا، (كلا لا تطعه واسجد واقترب)، ثم سجد، قال الحسن: والله ما رأيت كاليوم، ما أدري أسجد أم لا؟

الصدق في القلب

قال مالك بن دينار: إن الصدق يبدو في القلب ضعيفا كما يبدو نبات النخلة، يبدو غصنا واحدا، فإذا نتفها صبي ذهب أصلها، وإن أكلتها عنز ذهب أصلها، فتسقى فتنتشر، وتسقى فتنتشر، حتى يكون لها أصل أصيل يوطأ، وظل يستظل به، وثمرة يؤكل منها، كذلك الصدق يبدو في القلب ضعيفا، فيتفقده صاحبه ويزيده الله تعالى، ويتفقده صاحبه فيزيده الله حتى يجعله الله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواء للخاطئين، قال: ثم يقول مالك: أما رأيتموهم؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول: بلى والله لقد رأيناهم؛ الحسن، وسعيد بن جبير، وأشباههم، الرجل منهم يحيي الله بكلامه الفئام من الناس.

هذا أمري والسلام

قال جعفر بن برقان، قال: بلغني عن يونس بن عبيد فضل وصلاح، فكتبت إليه: يا أخي اكتب إلي بما أنت عليه، فكتب إليه: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه، وأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها؛ وتكره لهم ما تكره لها؛ فإذا هي من ذاك بعيد، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير، فوجدت الصوم في اليوم الحار الشديد الحر بالهواجر بالبصرة أيسر عليها من ترك ذكرهم. هذا أمري يا أخي والسلام.

الغضب يسحق قلب الحليم

عن يحيى بن كثير، قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه: يا بني إياك والنميمة، فإنها أحدّ من السيف، وإياك وغضب الملك الظلوم؛ فإنه كملك الموت، يا بني إياك والمراء فإن نفعه قليل، وهو يهيّج العداوة بين الإخوان، يا بني، خطيئة بني آدم فخرُهم، والزنا عين الإثم، يا بني، إن الأحلام تصدق قليلا وتكذب، فلا يحزنك، وعليك بكتاب الله فالزمه، وإياه فتأول، يا بني إياك وكثرة الغضب، فإن كثرة الغضب تسحق فؤاد الرجل الحليم.

خشيت أن تحملها الحاجة على بعض ما يكره

الوليد بن يسار، قال: جاءت امرأة عليها ثوب قد نفض من الصبغ فسألت حسان بن أبي سنان، فقال لشريكه هكذا؛ وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى، قال: فذهب شريكه يزن درهمين، قال: زن لها مائتين، فقالوا: يا أبا عبد الله كانت ترضى بذا، كذا وكذا من سائل، فقال: إني ذهبت في شيء لم تذهبوا فيه، إني رأيت بها بقية من الشباب، وخشيت أن تحملها الحاجة على بعض ما يكره.


لم يذكرها حتى مات

قال محمد ابن المنكدر: استودعني رجل مائة دينار، فقلت له: أي أخي إن احتجنا إليها أنفقناها حتى نقضيك! قال: نعم، واحتجنا إليها فأنفقناها فأتاني رسوله، فقلت: إنا قد احتجنا إليها، قال: وليس في بيتي شيء، قال: فكنت أدعو: يا رب لا تخرب أمانتي وأدِّها، قال: فخرجت، فحين وضعت رجلي لأدخل، فإذا رجل يأخذ بمنكبي لا أعرفه فدفع إلي صرة فيها مائة دينار، فأداها فأصبح الناس لا يدرون من أين ذلك؟ فما علموا من أين ذلك حتى مات عامر وابن المنكدر، فإذا رجل يخبر، قال: بعثني بها إليه عامر -يعني ابن عبد الله بن الزبير- فقال: ادفعها إليه ولا تذكرها حتى أموت أنا أو يموت ابن المنكدر، قال: فما ذكرتها حتى ماتا جميعا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top